شعور الطفل بأنه مقبول لدى والديه حاجة نفسية توفر له نمواً متوازناً وتربية صالحة، تبني ثقته بنفسه، وتمنحه الطمأنينة وتدفعه إلى الأمام لبناء معالم شخصيته، وتشكل في الوقت نفسه حصانة ضد الاضطرابات النفسية والسلوكية لديه، ولا ينبغي ان يكون قبول الطفل مرتبطاً بانجازات معينة، فنحن نقبله لأنه ابننا، ولانه ولد صغير وانسان ينبغي ان يحترم وتصان كرامته بعيداً عن أي ظروف أخرى سواء أكانت انجازات أو اخفاقات.
فلو شعر الطفل أننا نقبله إذا أحسن ونرفضه إذا أخطأ، فاننا نشكل لديه حيرة وتذبذباً بين احترام واحتقار وقبول ورفض. ويؤدي هذا التذبذب إلى ضعف في مكونات شخصيته وسرعة استجابته للمؤثرات الخارجية وانقياده للآخرين بلا حدود ولا مقاييس. وينتج عنه كذلك انهيار حاجات الطفل الأخرى، ومنها حاجته إلى المحبة فيرسخ في ذهنه أن رفضه يعني كراهيته وبغضه، ولا يتعلم الفصل بين السلوك والذات.
إن الانسان الذي يحترم نفسه هو الإنسان الذي يحسن السلوك والتصرف، والذي يفتقد احترام ذاته لا يمكنه إلا أن يسيء التصرف مع نفسه ومع غيره.
معاني القبول تغرسها الأسرة
إن قبول الطفل يعني تهيئته للانخراط في حياة انسانية واجتماعية، فيتعلم منذ نعومة أظفاره كيف يتقبل الآخرين، فحين يسود في الأسرة الاطمئنان والقبول ينتشر الاحترام والتقدير والسكن والمودة والمحبة، واذا انعدم القبول بين أفراد الأسرة الواحدة ازداد التباعد والتوتر فيما بينهم، وانتشرت سلوكيات الأنانية وحب الذات على حساب سلوكيات التعاون. ولذلك يجب على الآباء والأمهات والمربين الحرص على ما يلي:
1- الابتعاد عن السلوكيات الأبوية التي تشعر الطفل بالافتقار إلى القبول.
2- الحرص على ما يشجع إشباع حاجة القبول له.
سلوكيات الوالدين وتصور الطفل
سلوكيات الوالدين تع**** بشكل كبير تصور الطفل لذاته وموقعه لدى الآخرين، وهذه أربع سلوكيات تربوية غير صحيحة تحرم الطفل من الشعور بالقبول:
1- لا تنتقديه باستمرار:انتقاد الطفل المستمر وتأنيبه عند كل حركة تصدر منه أو كلمة يتفوه بها، يولد لديه احساساً بأنه مرفوض ويصيبه بالاحباط وخيبة الأمل وينزع منه الثقة بقدراته وامكاناته، وقد ينتج عن هذا الوضع خوف دائم من القيام بأي عمل أمام الآخرين، وقتل لروح المبادرة التلقائية، فليكن حوارنا ايجابياً مع الأبناء وليتخذ الانتقاد طابع التوجيه الطيب، وليكن في حالة الضرورة متى رأينا تكراراً وإصراراً من الطفل على فعل معين.
2- لا تلزمي الطفل بأكثر مما يستطيع:
جميل أن يكون الآباء طموحين وأن يعملوا على بث الطموح لدى أبنائهم، ويشجعوا الخطوات الايجابية التي يقومون بها وتؤدي إلى تحقيق ما لم يحققه الآباء. لكن ينبغي ألا يمارس هذا الطموح ممارسة إجبارية بشكل يلغي ذات الطفل وشخصيته، وأحياناً كثيرة يتطلب طموح الوالدين من الطفل جهداً أكثر مما يستطيع ومشقة لا تراعي مراحل نموه الجسمي والنفسي، وكلما شعر الطفل بعدم قدرته على تحقيق رغبات الوالدين وطموحهما أحس بعدم قبوله.
3- لا تقارنيه بغيره:
المقارنة بين شخصين – علمياً ومنطقياً - سلوك غير صحيح، وغير مقبول لأنهما عالمان مختلفان ولذلك تتم المقارنة الصحيحة بين سلوكين وليس بين شخصين، ومقارنة طفلك بآخر أكثر تفوقاً منه تشعره بالإحباط وتولد لديه شعوراً بالرفض.
4- لا تفرطي في حمايته وتدليله:
إحاطة الطفل بحماية زائدة تشل قدراته ولا تسمح له بتنميتها ولا باكتساب مهارات جديدة في الحياة، الإقلال من حماية الولد أقل خطراً من الافراط فيها.
طرق لتنمية القبول لديه
القبول حاجة نفسية لدى الطفل، واشباعها ينمي الصفات الايجابية لديه، ويبعده عن الكثير من السلوكيات السلبية التي يمكن ان تتولد من افتقاره للشعور بالقبول. واذا كانت الوقاية من هذه السلوكيات السلبية تقتضي ابتعاد الآباء والأمهات عن مجموعة من التصرفات، فان بناء القبول لدى الطفل واشباع هذه الحاجة في نفسه تتطلب من الوالدين مواقف تربوية معينة.
1- امنحي الطفل استقلاليته
بعد تجاوز السنتين يبدأ الطفل بالنمو نحو الاستقلالية والاعتماد على الذات، ويسلك في سبيل ذلك طرقاً متعددة، منها العناد بكل أشكاله، الإيجابية والسلبية. وكلما شعر الطفل باستقلاليته ورأى تشجيع محيطه، شعر بالقبول.
2- اعترفي باستقلاليته
حينما نختار للطفل اسما فإننا بذلك نعترف به كيانا مستقلا لا رقما داخل الاسرة، ولذلك ينبغي تحديد المخاطب دائما بين الاطفال والتميز بينهم اعترافا باستقلاليتهم، ومن الخطأ معاملة الاطفال جميعا بالاسلوب نفسه، ومخاطبتهم بالكلام نفسه واخضاعهم للتربية نفسها، فلكل كيانه الخاص ولكل شعوره وموقعه. ينبغي ان ينشأ الطفل على هذا الشعور وهذا النمط التربوي، فلو انجز احد الابناء انجازا هائلا احتاج منا الى تقدير واحتفال وتخصيص هدية له على ذلك، فهل ينبغي ان نهدي الجميع ونقدر الجميع وكأنهم كيان واحد؟!
3- امدحي إنجازاته
قدرات الطفل مهما صغرت تجعله يحقق انجازات تتناسب وامكاناته الذاتية ومراحل نموه، فما نراه – نحن الكبار – صغيرا هو في عرف الطفل انجاز، وكلما اعترفنا للطفل بإنجازاته شعر بالرضا عن نفسه واكتساب ثقة بقدراته، وشعر فعلا انه مقبول، فامنحي ابنك الفرصة لينجز ولا تحيطيه بسياج من الحماية الزائدة والدلال.
4- عبري له عن حبك
ليس المهم ان نحب ابناءنا، ولكن المهم ان نعبر لهم عن هذا الحب بالكلمة والسلوك، وشعور الطفل انه محبوب يشبع لديه حاجة القبول.
5- استمتعي بتربيته
التربية متعة، برمجي نفسك على الاستمتاع بالتعامل مع ابنائك، لأنك عندما تبدين تعبك من مشقة التربية، فإن ذلك يبدو للطفل كأنه استياء من وجوده، وتعبير عن عدم قبوله.
6- تقبلي اقتراحاته
عندما يحاول طفلك الادلاء برأيه – اختبارا لقدراته ودفاعا عن استقلاليته – فاسمعي رأيه واهتمي باقتراحاته مهما كانت في نظرك تافهة، فإن الانصات والاهتمام بما يقوله يشعره بقبولك له، وينمي لديه مهارات كثيرة ويقوي اعتزازه بنفسه.
7- تقبلي صداقاته
ان بناء الطفل علاقات مع اقرانه حاجة اجتماعية (الحاجة الى الانتماء) لا يمكنه الاستغناء عنها، فابحثي له عن الصحبة الصالحة وابدي ارتياحك وقبولك لاصدقائه، وافتحي بيتك لزيارتهم، ان في هذا السلوك الابوي تشجيعا للطفل على بناء علاقات سليمة تحت متابعة الاسرة، وفي الوقت نفسه تقوية لقدرته على توطيد العلاقات واكتساب مهارات التعامل مع الآخرين.
ان انتقاد الوالد او الوالدة لاصدقاء الطفل باستمرار ومن دون مبررات مقنعة لديه تسبب له اذى نفسيا واحباطا، والتعبير عن تقدير اصدقائه يعزز لديه شعورا ذاتيا بالقبول.
8- شجعيه ولا تحبطي عزيمته
الطفل يتعثر احيانا وهذا طبيعي، وحين يسقط الطفل يحتاج لمن يساعده على النهوض، لا لمن يعنفه ويحبطه بالتعليق السلبي والتنقيص، لا تظهري نفسك وكأنك كاملة، فان كان الطفل يجد صعوبة في مادة ما، فلا تحبطي عزيمته بأن تقولي له انك لما كنت في مثل سنه كنت متفوقة، بل قولي له: انا ايضا كنت اجد صعوبة، لكني تقويت وتجاوزتها بالمثابرة والجد. وان كان ولدك يخاف من حيوان او ظلام فهدئي من روعه واخبريه انك انت ايضا كنت كذلك، ثم استطعت بعد ذلك التغلب على مخاوفك.
9- عاملي ولدك كما تحبين ان تعاملي
كم يرتاح الكبار لو سمعوا كلمات الشكر والاعتذار ومجاملات الحديث مثل: عفوا، لو سمحت وشكرا، فما اجمل ان يتعلم الآباء ان يحاوروا ابناءهم بمثل هذه العبارات الودية الجميلة، سوف تجعل منهم بحق آباء ايجابيين وسوف ينشئون ابناء اكثر ايجابية.
ان الاطفال اكثر حاجة من الكبار الى المعاملة اللطيفة ولطف الخطاب، وهي من افضل الطرق للتعبير لهم عن القبول وتعليمهم كيفية احترام الآخرين.
تعلمي فن الإصغاء إليه
الاصغاء اليه تعبير عن قبولك له واهتمامك به، والتواصل الذي يتم عبر الحوار والانصات يحقق شعورا لدى الطفل بقدرته على اثارة انتباهك ويؤكد احساسه بالقبول، لذلك خصصي وقتا يوميا للانصات للطفل ولو لبضع دقائق، وسوف يتعلم الكثير ويبني العديد من المهارات، وسوف يتعلم الابوان من الطفل ايضا ويفهمانه اكثر ويكونان اقدر الناس على توجيهه وتعديل سلوكه.
خطوات تربيه طفلك ....
الرئيسية 
موضوع: خطوات تربيه طفلك 
